الإسلام وصياغة الإنسان


الإسلام وصياغة الإنسان                                     
صاغ الإسلام الإنسان صياغة كاملة من حيث السلوك والفكر والعمل حيث أسس للمفاهيم والمبادئ الصحيحة التي تتماشى مع فطره الإنسان السليمة والمودية به إلى طريق الكمال وجاءت على عدة محاور 
1-التكريم و السيادة:
وهى أعظم محور في محاور صياغة الإسلام للإنسان وهى الأساس فالإنسان في الإسلام مكرم وسيد على هذا الكون قال تعالى  "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا"
والمعنى ولقد كرمنا بني ادم بحسن الصورة واعتدال القامة والتسلط على ما في الأرض وتسخير ما في العالم العلوي والسفلى وفضلناهم على كثير من الخلق بالغلبة والشرف والكرامة
2- الحرية :  يعتبر الإسلام اكبر واصح دعوه من دعوات التحرر
ولقد اتبع الإسلام ثلاث مسارات لتحقيق الحرية في الإنسان المسلم
أولا: الحرية من طغيان البشر:وفيها يرسخ الإسلام في نفوس المسلمين مبدأ الحرية من عبودية البشر فلا احد يملك الضر والنفع غير الواحد الأحد فلا يخضع ولا يستكين إلا لله
فيعيش الإنسان حراً في حياته لا يستعبده احد موقنا انه يعبد الحي المميت الخافض الرافع الضار النافع
ثانيا :التحرر من طغيان الحكام
فالإسلام أول من أسس دوله الشريعة "القانون" يلتزم بها الكبير قبل الصغير وليس لهوى الحكام فكل افراد المجتمع سواسية ولقد أرسى النبي محمد ذلك  فيقول صلى الله عليه وسلم
   " إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وايم الله : لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها"
ثالثا:التحرر من الخرافات والأوهام
دعا الإسلام أتباعه إلى نبذ الخرافات والأوهام والتفكير والتعقل في الأفكار والمعتقدات لإدراك الصحيح من الخطأ
 قال تعالى {قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ} (المائدة:15). {هَذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (الأعراف:203).{مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (يوسف:111)
كما عاب على المقلدين الذين يقلدون أبائهم لمجرد التقليد
قال تعالى
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ ( 170 ) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُون}
وحارب أيضا الشعوذة والتنجيم لما فيهما من التضليل وعدم الصدق والوهم في اكتشاف الأشياء

3-القوه :
تنبع قوه المسلم في أن الإسلام جعل هدف الإنسان في حياته ليس تافها فالمسلم لا يعيش في الدنيا ليأكل ويشرب بل له هدف وغاية وهى عباده الله والسعي إلى رضاه وإعمار الأرض ,بالإضافة إلى ذلك مبدأ أن واهب الرزق والعمر هو الله لا ينقص بالإقدام ولا يزيد بالإحجام كما أن الضر والنفع بيد الله لا يملكه احد سواه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك , وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك , رفعت الأقلام وجفت الصحف " رواه الترمذي
وبذلك يسعى المسلم في حياته مواصلا جهاده بقوه وبأس لا يخشى على اجل أو رزق
  يقول "  قطري بن الفجاءة"
أَقولُ لَها وَقَد طارَت شَعاعاً **  مِنَ الأَبطالِ وَيحَكِ لَن تُراعي
فَإِنَّكِ لَو سَأَلتِ بَقاءَ يَومٍ**       عَلى الأَجَلِ الَّذي لَكِ لَم تُطاعي
بالإضافه إلى هذا شعور المؤمن بمعية الله ,وان الله معه ويرعاه يقول الله تعالى
"قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ " التوبة
و في شأن موسى
"فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ( 61 ) قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ( 62 ) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ "

ويرسخ الإسلام القوه والكرامة في نفوس المسلمين فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم ينصح ابن عباس   
"إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله"
4-الرضا والسعادة:
في ظل الإسلام يشعر المؤمن بالرضا والسعادة في الدنيا والاخره مطمئنا قلبه وكيف لا ولقد وجدت ضالتها
"الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"
والقضاء والقدر له اثر كبير في تأكيد الرضا والسعادة مرتكزا على قول الرسول صلى الله عليه وسلم " واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك"
فيتوكل المؤمن على الله في حياته راضيا فيكون اسعد الناس
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم" وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس"

5-العطاء:
ينقل الإسلام الإنسان من دائرة النفع والاستغلال إلى دائرة العطاء والتضحية فيضحى بماله ونفسه من  اجل قضيه آمن بها وليحيا غيره حياه كريمه
فالعطاء والتضحية 
هي وسيله لنيل رضا الله "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ"
         وهى ثمن للجنة    " إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ"
وهى ميزان من موازين الإيمان" إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ"
6-الضمير:
وهو الشعور الإنساني الداخلي وهو ما وضعه الله فينا ليكون الرادع عن الشر
ويقوى الضمير لدى الفرد المسلم عن طريق المراقبة, فالإيمان يورث القلب المراقبة لله والتقوى منه
فالمراقبة هي أعلى درجات العبادة  وتصل بالمسلم إلى مرتبه الإحسان وهى  كما قال الرسول  " أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ"
وبهذا يظل المسلم ضميره يقظ في السر العلانية يراقب الله في كل حال من أحواله فيسعد الفرد في الدنيا والاخرة

وبهذه المحاور يشكل الإسلام الإنسان تشكيلا صحيحا فيستطيع بذلك أن يؤدى مهامه على الشكل الكامل 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ملخص كتاب هذه رسالاتُ القرآن، فمن يتلقَّاها؟! الجزء الاول

الرسالة الخامسة والأخيرة: الإخلاص بوصلة الطريق !

أهمية صناعة الانسان الصالح من منظور اسلامى ؟ كيف . 1